الشيخ سيف بن حمد بن محمد العتيقي ذكره صاحب السحب الوابلة[1] وكذلك الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام[2] وذكره أيضاً ابراهيم بن صالح بن عيسى[3] وقد ورد عند صاحب السحب الوابلة وتبعه ابن بسام في تسميته سيف بن أحمد كما في بعض الوثائق وهي لغة عند النجديين في حمد. وجاء في الأكثر باسم سيف بن حمد كما هو ثابت في عدة وثائق بخط ابنائه محمد بن سيف وصالح بن سيف بن حمد العتيقـي منها قيد تملك لكتاب "ديوان الصرصري" (وثيقة 1) ومنها قيد وقف لكتاب تفسير الخازن الذي أوقفه المترجم له سيف بن حمد على ذريته (وثيقة 2). والشيخ سيف بن حمد العتيقي وصفه صاحبه الشيخ محمد بن فيروز الأحسائي أنه فقيه صالح، حافظ لكتاب الله تعالى لا يغفل عن تلاوته، معرضاً عن الدنيا باذلاً لها، سخي النفس. ومن أعماله الخيرة مدرسة ومكتبة مشهورة في حرمة أوقف عليهما بيتا من بيوته ونخلا. وهذه المكتبة المعروفة بمكتبة العتيقي من أشهر المكتبات الأهلية وأقدمها في نجد. والنخل المشار إليه يبدو أنه الذي يعرف في التاريخ باسم فيد سيف أو فيد العتيقي. وينسب بعض المؤرخين المكتبة والنخل الموقوف عليها إلى الشيخ سيف بن محمد بن حمد العتيقي، والله أعلم بذلك. ينتهي نسب عائلته إلى "العتيق" أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

وكان شيخنا إماماً لمسجد بن سليم في حرمه والمسمى الآن مسجد السليمية. واشتهر سيف العتيقي بمعارضته لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكانت معارضته من منطلق علمي في مسائل محددة جمعها في سفر موحد لم يعرف من مدة طويلة إلا بالأخبار. ثم وجدناه في مكتبة المخطوطات في الكويت برقم خ 155 مما خلفه الشيخ عبد الله بن خلف الدحيان من مكتبته التي جمعت بعض مخلفات علماء العتيقي. والدحيان كان صديقا لبعض أعيان الأسرة في الكويت مثل حمد بن الشيخ عبد العزيز بن حمد بن سيف المترجم له، والأخير وصل إليه الكثير من التراث العلمي لهذه الأسرة، فلا عجب أن يصل إليه بعض أملاك جده الشيخ سيف. وهذا السفر ليس له عنوان لدى الأوقاف سوى أنه فوائد في أمور متنوعة، منها مسائل فقهية معارضة لمدرسة محمد بن عبد الوهاب. وفي آخره قيد هبة من مالكه لابنه الشيخ محمد بن سيف رحمهما الله (وثيقة 3). وفي هذا المجموع ذكر لبعض سيرة سيف نفسه التي يبدو أنها ترجمة ذاتية له جاء فيها أن سيف انتقل بزوجته فاطمة بنت إبراهيم بن عبد الرحمن من المجمعة إلى الكويت في 21 من شهرالمحرم سنة 1189، وفي صفر من تلك السنة توفيت زوجته تلك في الكويت. وكان سيف في تلك الأثناء مريضا فقدم عليه ابنه صالح من الأحساء يرجو برؤه وكان ذلك يوم 28 ربيع الأول من تلك السنة. ثم ركب سيف وابنه صالح سفينة من الكويت إلى القطيف يوم 28 من جمادى الأول 1189هـ بعد أن تشافى سيف يريدون الأحساء. وتوفى سيف بالأحساء بعد ذلك عند صديقه محمد بن فيروز في أوائل السنة التالية 1190-1776م.

ولاشك أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب كان على اطلاع بآراء سيف العتيقي وأمثاله من المعارضين حيث ذكره في أحد رسائله إلى أحمد بن ابراهيم عالم مرات من بلاد الوشم،[4] وكان يقارعهم الحجة بالحجة كعادة العلماء الأوائل. وتدل رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تلك أن سيف العتيقي كان على اتصال بعلماء الحرمين وغيرهم في ذلك الوقت.

ومن آثار سيف العتيقي نسخه لكتاب دليل الناسك لأحكام المناسك من تأليف الشيخ أبي نمي بن عبد الله التميمي الحنبلي المؤلف سنة 1008 هجرية في الأزهر الشريف. وكان نسخه في الثامن والعشرين من رمضان المبارك سنة 1166هـ. عليه قيد تملك لصالح بن سيف العتيقي وعثمان بن جارالله بن حمد سنة 1223هـ. وهو الآن ضمن مكتبة أسرة السويح في روضة سدير.

وللشيخ سيف العتيقي ابنان عالمان صالح ومحمد سيأتي ذكرهما لاحقاً. وذكر الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى[5] أن عقبه قد انقطع بعد أحفـاده، ونقل عنه ذلك الشيخ عبد الله البسام ومحقــق السحب الوابلة. وصحح ذلك الشيخ عبد الرحمن التويجري[6] نقلاً عن  بعض أقــاربــه في الكــويت،  وهو الصواب إذ أن من أولاد سيف بن حمـد أيضاً إبراهيم بن سيف وحمد بن سيف وابنه إبراهيم كان من أهل العلم أيضاً واطلعت على وثيقة تفيد بوقفه كتاب التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع للقاضي علاء الدين علي بن سليمان السعدي المرداوي وقفه على طلبة العلم الحنابلة سنة 1216هـ . وذرية سيف ووالده حمد العتيقي باقية ومعروفة في الكويت والمجمعة وانتشر بعضهم في مدن أخرى بالمملكة العربية السعودية.

إعداد:

د. عماد محمد العتيقي


الهوامش:

[1] ابن حميد "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" تحقيق بكر بن عبد الله أبو زيد و د. عبد الرحمن العثيمين مؤسسة الرسالة – 1996.

[2] عبــد الله بن عبــد الرحمــن بن بسـام "علمــاء نجد خــلال ثمانيــة قرون" مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة – 1998.

[3] إبراهــيم بن صــالح بن عيسى – مخطوط.

[4] حسين خزعل "حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب" دار الكتب 1968.

[5] انظر الهامش رقم 3 أعلاه.

[6] عبد الرحمن بن عبد الله التويجـري "الإفـادات عـن ما في تراجــم علماء نجد لابن بسام من أخطاء".


Loading