مقدمة:
وردت في نصوص القرآن والسنة تفاصيل عن أصناف أو أنواع الشهادة ومن يحمل صفة شهيد ويستحق بها المثوبة والأجر الجزيل. وكان من ديدن الفقهاء المبرزين أن ينظموا الأحكام الشرعية شعراً لتسهيل معرفتها لطلبة العلم والمهتمين بها. وقد كان من أولئك العلماء الشعراء محمد بن عبدالله ابن فيروز(1) (1142-1216) وصاحبه صالح بن سيف العتيقي(2) (1163-1223). وهذه المقطوعة ابتدأها ابن فيروز ولسبب ما لم يكملها، فنظم بقيتها صالح بن سيف العتيقي على نفس الوزن والقافية. وقد أهداها لموقع العتيقي الأخ بدر بن سليمان العتيقي بعد أن اطلع عليها مطبوعة في مجلة الوعي الإسلامي(3) فله الشكر والتقدير. وهنا نستذكر قوله تعالى” ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا” النساء-69. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم “المرء مع من أحب” متفق عليه. ونسأل الله تعالى أن يجعلنا مع الذين أنعم الله عليهم ويرزقنا حبهم ويهدينا مسلكهم، آمين.
نص الوثيقة:
بسم الله الرحمن الرحيم وقال الأقل صالح بن سيف(4) : ليعلم الواقف على هذه الأبيات أن شيخنا الشيخ محمد بن فيروز أراد أن ينظم الشهداء في أبيات فنظم منهن إثنى عشر بيتاً من أولها إلى ” وقل شهيد … الخ ” وباقيها وهو أحد عشر بيتاً لي نظمتها مستعيناً بالله تعالى .
اللهَ أَحْمَدُ في سِرِّيْ وَفِي جَهْرِيْ حَمْداً بِهِ أَرْتَجِي مِنْ وَاسِعِ الْغَفْرِ
عَفْواً وغُفْرَانَ ذَنْبٍ مُثْقِلاً ظَهْرِي وَخَتْمَهُ بِالْهُدَى الْباقِيْ مِنَ الْعُمْرِ
وَبَعْدَ حَمْدَي أُصَلَّيْ مَا جَرَى فَلَكٌ عَلَى الرَّسُولِ الزَّكِيِّ الْكَامِلِ الشُّكْرِ
مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ قَاطِبَةً شَفِيعَنَا يَوْمَ جُمْعِ النَّاسِ فيِ الْحَشْرِ
وَاْلآل وَالصَّحْبِ مَنْ حَازُوا بِه شَرَفًا مَادَامَ بَدْرُ السَّمَا فِي أُفْقِهِ يَسْرِي
وَبَعْدَ ذَاَ خُذْ هَدَاكَ الله عِدَّةَ مَنْ سُمِّيْ شَهِيدًا بِنَصِّ الْمُصْطَفَى تَدْرِي
فَهُمْ قَتِيلاَنِ فِي ظُلْمٍ وَمَعْرَكَةٍ وَذَانِ أَعْلاَهُمُ أُيِّدْتَ بِالنَّصْرِ
وَمَنْعُ غُسْلٍ لِذَيْنِ وَالصَّلاَةِ مَعَ التْـ تَّكْفينِ خُذْهُ عَنِ الْعَلاَّمَةِ الْحَبْرِ
أَعَنْي المبَجَّل بَحْرَ الْعِلْمِ سَيِّدَنَا إِمَامَنَا أَحَمدًا مِنَ غَيْرِ مَا نُكْرِ
وَذَا لَمِنْ مِنْهُمَا فِي الْحَينِ مَوْتَتَهُ وَإِنْ بَقِي اغسِلْ وَكَفِّنْ وَادْعُ بِالْغَفْرِ
وَانْزعْ جُلُودًا وَآلاتِ الْقِتَالِ وَلاَ تُغَسِلْ فَفِيها الْحُكْمَ بِالطهر
وَقُلْ شَهِيدٌ فَتي قَدْ مَاتَ مُغْتَرِبَا وَمِنْ بِبَطْنٍ وَطَاعُونٍ وَمَا يَجْرِي
———————*
عَلَيْه سُلٌّ وَذَاتُ الْجَنْبِ مَعْ غَرَقٍ كَذَا شَرِيقٌ حَرِيقٌ فَاِسْتَمِعْ وَاِدْرِ
وَصَاحِبُ الْهِدْمِ وَالْمَجْنُونُ ثُمَّتَ مِنْ مِنَ الْجِبَالِ تَرَدَّى فَاِحْفَظِنْ خُبْرِي
ونُفَساءُ لَدِيغٌ ثُمَّ بَعْدَهُمُ مُرَابِطٌ مَيِّتٌ فيِ سُبُل البِرِّ
وصابِرٌ فيِ أَذَى الطَّاعُونِ مُحْتَسباً وَصَاحِبُ اللَّقْوَة افْهَمْ مَا عَسى تدري
كذَاكَ مَنْ مَاتَ فيِ حَجٍّ وفِي طَلَبِ الـ عِلْمِ الشَّرِيفِ الْكَثِير النَّفْع وَالأَجْرِ
وأُمَنَاءُ إِلَهيِ جَلَّ عَنْ وَلَدٍ في الأرضِ هُمْ عُلَمَاءٌ فَضْلُهم يَسْرِي
وطاِلبٌ مَوْتَةً بِنِيَّةٍ صَدَقَتْ عَلَى الشَّهَادَةِ مِنْ مَوْلاَهُ فَاسْتَقْرِ
كذَاكَ يَا صَاحِ مَنْ رَمَتْهُ دَاَبَّتُه فَرِيسُ سَبْعِ فخُذْ وَاحْذَرْ مِنَ الشَّرِّ
ومنْ يُقَتَّلُ دُونَ مَاِلهِ وَكَذَا أُهَيْلِهِ دَمِهِ أَوْ دِينِهِ اليُسرِ
كذَاكَ مَظْلِمَة بِكَسْرِ لاَمَةَ ثُمَّ عَاشِقٌ ذو عَفَافٍ كَاتِمُ السِّرِّ
فهذِه نُبْذَةٌ فيِ ضَبْطِناَ الشُّهَدَا وأَحْمَدُ الله حَمداَ دَائمَ الشُّكْرِ
*ما فوق الخط للعلامة محمد بن عبدالله بن فيروز وما بعده للشيخ صالح بن سيف العتيقي
وكتب د. عماد بن محمد العتيقي
في شعبان 1433-يوليو 2012
الهوامش:
(1) شيخ علماء الحنابلة في الأحساء في وقته. ترجمته موثقة في “السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة” لمحمد بن عبدالله ابن حميد، و”علماء نجد في ثمانية قرون” لعبدالله بن عبدالرحمن البسام وغيرهما.
(2) تنظر ترجمة صالح بن سيف العتيقي في “السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة” لمحمد بن عبدالله ابن حميد، و”علماء نجد في ثمانية قرون” لعبدالله بن عبدالرحمن البسام وفي موقع العتيقي.
(3) من مقالة بقلم د. يعقوب يوسف الغنيم” الوعي الإسلامي” العدد (548) ربيع الآخر 1432- مارس بريل 2011م. ص 16-17. والوثيقة الأصلية المنقول عنها النظم من مكتبة الشيخ محمد صالح بن عبدالوهاب العدساني رحمه الله.
(4) يكتفي الشيخ صالح بن سيف العتيقي في بعض الوثائق باسمه واسم أبيه لشهرته في منطقته وهي الأحساء. ولم يكن لشيخه ابن فيروز صاحب بهذا الاسم غيره. وقد يغفل من يقرأ وثائق تلك المدرسة عن ذلك فلزم التنويه.